العلم السوري (علم سوريا) رمزيته وتمثيله
لا يختلف اثنان حول أهمية العلم الرسمي المعنوية لأي مواطن حول العالم وهذا ما يعتبر أمراً غير استثنائياً بالنسبة للمواطن السوري رغم الانقسام الأخير الذي حصل إبان قيام الثورة السورية والذي قسم السوريين في اتخاذهم لعلم يمثلهم فما هي حكاية العلم السوري وكيف وصل إلى ما وصل إليه اليوم هذا ما نشرحه هنا في موقع المورد.
الجدول الزمني لعلم سوريا
الدولة العثمانية ما قبل 1918م
بما أن سوريا كانت جزءاً من الدولة العثمانية فإن علم الدولة العثمانية كان الرمز الذي يرفع في كافة أنحاء ولايات السلطنة والتي كانت سوريا إحدى هذه الولايات وذلك حتى خروج القوات العثمانية من سوريا إبان قيام الثورة العربية الكبرى.
الثورة العربية الكبرى 1918م
رفع علم الثورة العربية في 27 أيلول 1918 أي قبل انسحاب الحامية التركية من دمشق بثلاثة أيام على الرغم من عدم إنزال العلم العثماني حتى 30 أيلول من العام ذاته واستمر رفع العلم حتى 8 آذار 1920 وهو اليوم الذي أعلن فيه عن استقلال البلاد عن الدولة العثمانية رسمياً من قبل الأمير سعيد الجزائري الذي كان قد كلف بإقامة حكومة مؤقتة في البلاد.
المملكة العربية السورية 1920م
حيث تم إعلان استقلال سوريا عن الدولة العثمانية حيث أقيم حفل في ساحة المرجة مع وصول الأمير فيصل إلى دمشق، وبقي العلم السوري على حاله مع إضافة نجمة سباعية تمثل السلالة الهاشمية، بقي هذا العلم صامدة لأقل من 5 أشهر بعد أن هزمت القوات الفرنسية قوات المملكة العربية السورية في معركة ميسلون في 24 تموز من نفس العام وفي نفس اليوم دخلت القوات الفرنسية دمشق.
الانتداب الفرنسي 1920م
ألغي علم المملكة السورية إلى الأبد وأعلن عن العلم الجديد الذي كان لونه أزرق ويحوي في منتصفه على هلال أبيض وفي زاويته العليا علم فرنسي مصغر والذي كان بداية لحقبة امتدت أكثر من 25 عاماً.
تقسيم سوريا 1920م وإعادة توحيدها 1927م
وفي نفس العام قرر الفرنسيين تقسيم سوريا إلى 6 دويلات بحجة عدم انسجام المكونات الشعبية بحسب المفوض السامي هنري غورو، والدول هي (دولة دمشق، دولة حلب،جبل العلويين،جبل الدروز، لبنان الكبير، لواء اسكندرونة) لتعزيز فكرة الانقسام وضرب مخططات الوحدة العربية بقيادة فيصل، رفع في كل إقليم علم يمثله، مع إقرار الفرنسيين ضم لواء اسكندرون لتركيا بموجب معاهدة انقرة وضم دولة هاتاي لأنقرة في وقت لاحق بعد استفتاء تقرير المصير للسكان.
لم تمر أكثر من 5 سنوات حتى اشتعلت الثورة السورية الكبرى عام 1925 رداً على الانتداب والتقسيم وقد اتخذت علم المملكة السورية شعاراً لها لكن القوات الفرنسية تمكنت من إخماد الثورة بعد عامين ثم قامت بتوحيد بعض الدويلات السورية لتخفيف وطأة العداء نحوهم ليتم اتخاذ علم للاتحاد السوري اثناء فترة الانتداب الفرنسي بين عامي (1922-1932).
مرحلة الاستقلال:
بالرغم من وجود الانتداب إلا أن الحراك السياسي والشعبي بالإضافة للمقاومة المحلية لم تخمد في البلاد ما ساهم في وضع دستور سوري عام 1930م على يد إبراهيم هنانو أحد زعماء الثورة السورية والذي حدد بدوره ملامح العلم الجديد والذي أطلق عليه لاحقاً علم الاستقلال والذي كانت ترمز ألوانه إلى:
الأخضر: للخلافة الراشدة
الأبيض: للخلافة الأموية
الأسود للخلافة العباسية
أما النجوم الحمراء الثلاثة فقد كانت تمثل كل من دمشق وحلب ودير الزور في المرحلة الأولى وفي عام 1936 وبعد ضم دولة جبل الدروز وسنجق اللاذقية فإن رمزية النجوم أصبحت تمثل هذه الدويلات الثلاثة بعد توحيدها.
رفع علم الاستقلال السوري في 11 حزيران عام 1932م في دمشق كما أنه رفع قبل ذلك في حلب في الأول من كانون الثاني لعام 1932 وأعلن عنه كعلم رسمي للبلاد في 17 نيسان عام 1946م في يوم الاستقلال.
أعيد استخدام العلم مرة أخرى بعد الانفصال عن مصر في 28 أيلول 1961م في محاولة التخلص من عهد الوحدة وظل العلم حتى عام 1963 عندما قام حزب البعث بالسيطرة على السلطة.
مرحلة الجمهورية العربية المتحدة (1958-1961)
اعتمد العلم الحالي لأول مرة زمن الرئيس جمال عبد الناصر في نيسان 1958 وبقي حتى إعلان الانفصال والذي كانت ترمز ألوانه إلى الوحدة العربية وتم استبدال النجوم الثلاث بنجمتين تمثلان سوريا ومصر.
مرحلة سوريا في عهد حزب البعث 1963م
بعد انقلاب حزب البعث على السلطة اتخذ علم الوحدة مع العراق ومصر والذي يشابه علم الوحدة ولكن مع إضافة نجمة ثالثة للدلالة على العراق والذي ظل مستخدماً منذ عام 1963 وحتى عام 1972م.
في عام 1972 تم إعلان اتحاد الجمهوريات العربية بين كل من سوريا ومصر وليبيا ليصار إلى تغيير العلم من جديد والذي حافظ على شكله السابق مع استبدال النجوم الثلاث بنسر قريش إلى أن تم إلغاء الاتحاد عام 1977 مع بقاء استخدامه في سوريا حتى ألغي استخدام العلم في 29 آذار عام 1980م ليحل محله علم الوحدة مع مصر ذو النجمتين والذي بقي مستخدماً حتى وقتنا الحالي.
الثورة السورية 2011م
مع انطلاق شرارة الحراك الثوري في سوريا عام 2011 وبعد مدة قصيرة برز استخدام علم الاستقلال الأول ذو النجوم الحمراء الثلاث للدلالة على رمزية مطالب الشعب السوري بنيل حريته التي لا تقل أهمية عن مطالبته بالاستقلال عن الانتداب الفرنسي في مرحلة سابقة كما يعتبر استخدامه الآن أو الاعتراف به قضية أخلاقية أكثر من أي اعتبار آخر وقد تم اتخاذ العلم ليكون العلم الرسمي للمعارضة السورية والحكومة السورية المؤقتة والشعب السوري الثائر على نظام الأسد حتى وقتنا الحالي.
وفي نظرة سريعة حول تطور وتغير العلم السوري فإن كل أشكاله وشعاراته ما بعد الاستقلال تمثل الشعب السوري وتطلعاته في كل مرحلة من تلك المراحل ولا يمكن لأي احد إنكار رمزية هذه الأعلام الهامة لما تشكله من أهمية رمزية تعبر عن الحقب والمراحل التي مرت على سوريا في تاريخها الحديث.