تفاصيل لقاء “سرّي” بين الروس وشخصيات علوية سورية.. هل هذا يؤكد وجود العلوية السياسية؟
كشف مركز الحوار الإنساني عن لقاء جمع البعثة الروسية في الأمم المتحدة بجنيف مع شخصيات علوية مقيمة خارج سورية، وذلك بعد أيام قليلة من لقاء بوغدانوف مع المعارض السوري أحمد معاذ الخطيب في الدوحة.
أهداف اللقاء
وبحسب مراقبين فإن روسيا تحاول فتح باب الحوار مع مختلف المكونات السورية، ولا سيما مع دخول قانون قيصر حيز التنفيذ، في محاولة منها للوصول إلى صيغة تجنبها تقويض مصالحها في سورية بالدخول في حل سياسي جدي، في ظل الضغط الأميركي عليها للتخلص من رأس النظام.
وجاء اللقاء تحت عنوان “تسهيل التفاعل بين الاتحاد الروسي والمؤثرين من العلويين في الشتات”، وجرى بشكل سري يوم الخميس في 25 حزيران الحالي، بهدف “تبادل بعض الأفكار المتعلقة بالوضع السوري، والاطلاع على بعض وجهات النظر المتعلقة بها”.
سريّة اللقاء
ورغم سرية اللقاء، سربت الجهة الميسرة للاجتماع، وهو مركز الحوار الإنساني وهو منظمة غير حكومية مستقلة، مركزها جنيف يساعد في الوساطة بين الأطراف المتنازعة لمنع أو إنهاء الصراعات المسلحة، عن اللقاء والمحاور التي تم تداولها داخله.
ودفع ذلك العلويين الحاضرين لانتقاد التسريب عبر المحامي عيسى إبراهيم الذي انتدب عنهم للتوضيح، وتفنيد الورقة التي كشفتها الجهة الميسرة.
وثائق مسربة
وبحسب ما ذكر عيسى إبراهيم لموقع “العربي الجديد”، فإن المحاور التي تناولتها الوثيقة المسربة عن الجهة الميسرة “غير صحيحة بشكل كبير جدًا”، وقد نشر عيسى بدوره النسخة الصحيحة، عن المداولات، مرفقًا إياها بتوضيح على موقع “أسرة الشيخ صالح العلي”.
ومن أهم الفروقات بين الوثيقتين المسربتين وأكثرها خطورة، إشارة الوثيقة الأولى إلى ضرورة التمثيل النسبي للطوائف والإثنيات، مما يفهم منه الدخول بمفهوم المحاصصة الطائفية، في حين قال عيسى: “نحن كفريق أكدنا أنه لا يوجد طائفة أو إثنية متجانسة بالرأي السياسي، ورفضنا أي نوع من المحاصصة بشكل واضح ونهائي”.
وتابع قائلًا: “أوحت النسخة المسربة الأولى بأن النظام طائفي، ونحن أوضحنا بأن النظام كما الطرف الآخر، يستخدم الطائفية لتحقيق غايات سياسية، وكون أن النظام من طغمة متنوعة لا يجعله علمانيًا ولا حميدًا”.
ونفى أيضًا ما أشارت له الورقة المسربة إلى “أننا نعتقد بالدولة المركزية، في حين اعتبرنا نحن أن نظام اللامركزية هو الأنسب وفق المدى الذي يقرره السوريون”.
المواضيع المطروحة في الاجتماع
وقدَّم العلويون في حديثهم العديد من المحاور والنقاط، منها أن “سوريا الآن على مفترق طرق تاريخي، حيث مزقت الحرب نسيج المجتمع بأكمله”، مضيفين أنه “لا يبدو أن السلطة الحالية مهتمة بمصير شعب البلاد بعد الآن”.
وتحدثوا أيضًا عن الدور المركزي للدولة من نظرة تاريخية بالإشارة إلى أن “سورية الحالية المعروفة بحدودها نشأت عبر اتفاق بين الأقاليم السورية المكونة في حينه، والتي كانت دولاً مستقلة في ظل الانتداب للبدء بدولة مركزية عاصمتها دمشق”.
وأوضحوا أن “هذه التجربة مرت بمطبات كثيرة، إلى أن استقرت إدارة الدولة عند استلام الأسد في السبعينيات مع حزب البعث الحاكم والنخبة الضيقة التي كانت مسيطرة على الدولة، ومع الوقت أساءت هذه السلطة استخدام الميثاق الوطني غير المعلن، وأنشأت منظومة ذاتية فرضت قبضتها على جميع السلطات”.
مظلومية وغبن للطائفة
وحمّل العلويون المشاركون في الجلسة النظام والمعارضة تبعات ما وصلت إليه البلاد بعد اندلاع الثورة في عام 2011، وأشاروا إلى أنه “بعد بدء الانتفاضة الشعبية استخدم طرفا الصراع العصبيات المجتمعية والسرديات الطائفية، من أجل تحقيق المكاسب السياسية”.
وتناولوا كذلك “المظلومية العلوية” واستخدام الطائفة من قبل النظام، مبررين انخراط أبنائها في الجيش والأمن بالتنويه إلى أن “نسبة العلويين في الجيش والأمن أعلى من نسبتهم في المجتمع السوري”، وأرجعوا ذلك لسببين أساسيين، الأول ضعف الموارد في مناطقهم المحلية، والثاني نقص فرص العمل.
وأشاروا إلى أن “المناطق العلوية لديها مستوى تعليمي جيد، وبنفس الوقت تعاني فقرًا شديدًا”، معربين عن اعتقادهم أن “لدى العلويين شعورًا كبيرًا بالغبن والمظلومية، جراء هذه الإدارة الحالية للمجتمع السوري”.
توصيات المشاركين
وبعد الإحاطة التي ذكرها العلويين، قدم المشاركون للجانب الروسي عددًا من التوصيات تم إجمالها في عدة بنود، تمثلت في:
· الحاجة لعقد اجتماعي جديد بين السوريين من خلال الحوار على أن يجسد ذلك الدستور.
· فتح باب التفاهم بين الأطراف والجماعات السورية.
· الرغبة بأن يكون شكل الدولة موحدة لامركزية ذات نظام ديمقراطي علماني، على أن يستفاد من تجربة الاتحاد الروسي في (المركزية – المحلية) للوصول إلى نموذج مقبول للحكم.
· أقروا في توصياتهم بأن المجتمع العلوي يفضل الوجود الروسي في مناطقه على الوجود الإيراني.
· أهمية مشاركة كل الدول الفاعلة في الحل السوري على المستوى العام.
· رفض تحيز روسيا إلى النظام وتلميحها إلى أنها لن تدعم رئيسًا سنيًا ويعد ذلك خطابًا غير متوازن.
· رفض المجتمع العلوي أن يأخذه النظام كرهينة، أو أن يوصف النظام بأنه نظام الطائفة.
· العلويين يرون أنفسهم سوريين أولًا، ويفخرون بثقافتهم الفرعية.
اعتراف روسي بدعم النظام
وقد ذكر إبراهيم عيسى إلى ما طرحه السكرتير الأول للبعثة الروسية الدائمة في الأمم المتحدة، والتي أشاروا فيها إلى أن الدور الروسي في سوريا قد ركز دائمًا على “تمكين دولة قوية قادرة على إرساء سيادتها ضمن حدود القواعد والقانون الدولي”.
وأضاف السكرتير الروسي بحسب الورقة أن روسيا “تدرك الحاجة إلى تجديد العقد الاجتماعي في سوريا، وهذا الاعتراف هو الذي دفع روسيا إلى رعاية مؤتمر سوتشي في 2018،واعتبر بأن التمثيل في سوتشي كان يميل نحو النظام، وكان أبعد ما يكون عن المثالية.
وأوضحت الورقة أن موسكو أعربت “عن اهتمامه بالمنظور الذي قدمه المتحدثون، والذي يدعي أن النظام غير طائفي في طبيعته الحقيقية، على الرغم من حقيقة أن النخبة العسكرية والاستخباراتية تنتمي في الغالب إلى العلوية”.