رفيق السبيعي الفنان الشامل: أحد الرموز الأبرز في تاريخ سوريا الحديث
من هو رفيق السبيعي؟
رفيق السبيعي ممثل ومونولوجست سوري من مواليد 9 شباط عام 1930 في حي البزورية في مدينة دمشق وتوفي فيها في 5 كانون الثاني عام 2017.
ويعتبر رائد من رواد الفن في سوريا شبّ على حلم الفن، متحدّياً إرادة الأب، وظنون المحيط الأمر الذي لم يكن سهلاً في دمشق بعد الاستقلال، حيث كان يطلق على الممثل لقب «المشخصاتي» وكان يعتبر التمثيل عيباً اجتماعياً ما اضطرّه إلى البدء باسم فنيّ هو «رفيق سليمان». وهو عضو في نقابة الفنانين السوريين منذ 1 آذار عام 1968.
بدايات رفيق السبيعي في إدراك محبته للفن
- في عمر ثماني سنوات، بدأ يحضر الموالد النبوية برفقة أخيه وغالباً ما كان ينشد مع المنشدين التواشيح والأناشيد الدينية.
- أما في المنزل فكان لا يحلو له مذاكرة دروسه إلا أثناء الاستماع إلى الأسطوانات الموسيقية فكان يستمع لأم كلثوم وعبد الوهاب، وكثيراً ما كانت تستدعيه والدته ليغني لنساء الجيران حين يجتمعن في حوش الدار مستمتعين بجمال صوته.
- وفي أعراس حي البزورية الذي ولد وتربى به، كان حضوره لافتاً وهو يغني لكارم محمود وعبد العزيز محمود وعبد الغني السيد ومنولوجات شكوكو وإسماعيل ياسين.
- بدأ يصطدم بعد ذلك بالمنظومة الفكرية التقليدية السائدة آنذاك التي تنبذ الفنان وتعتبر الغناء شيئاً معيباً، فكان جزاؤه الطرد خارج المنزل والاختباء داخل الخان أو النوم عند الفران.
- لم يكمل دراسته بعد الانتهاء من المرحلة الابتدائية وبدأ يعمل خياطاً ليساعد والده في تحمل أعباء ومصاريف المنزل لكنه فشل كخياط.
- بدأ مسيرته أواخر الأربعينيات بتقديم مقاطع كوميدية ارتجالية على مسارح دمشق ونواديها الأهلية وبذلك بدأ احتراف الفن واتخاذه كمهنة له.
مسيرة رفيق السبيعي الفنية
- بدأ الفنان رفيق السبيعي مسيرته الفنية أواخر الأربعينيات بتقديم مقاطع كوميدية ارتجالية على مسارح دمشق ونواديها الأهلية.
- انتقل بعدها للغناء والتمثيل في فرق فنية عدة كفرقة سعد الدين بقدونس وعبداللطيف فتحي والبيروتي ومحمد علي عبدو وعلي العريس، حيث بدأ بتقديم مسرحيات يتخللها أغنيات خاصة به مثل بالمقلوب و طاسة الرعبة ومرتي قمر صناعي وصابر افندي.
- أسهم في تأسيس عدد من الفرق المسرحية الناشئة بعد الاستقلال ومن خلالها صنع شخصية أبو صياح وقبضاي الحارة الشامية بزيه الدمشقي الفلكلوري والتي تعتبر الشخصية الأشهر له والتي من خلالها وصل إلى قلوب السوريين.
- جسد مختلف الشخصيات في أعماله في السينما والدراما السورية وكانت بدايته عام 1960 مع كل من دريد لحام ونهاد قلعي في مسلسل مطعم السعادة.
- لم يترك مجالاً في مجالات الفن إلا وعمل فيه فعمل في المسرح والتمثيل في الأفلام والمسلسلات والإذاعة والتقديم والمونولوج والغناء والتأليف فكاناً فناناً شاملاً بحق:
- في رصيده 16 مسرحية على الأقل منها: أبطال بلدنا، الأشباح، البرجوازي النبيل، الاستثناء والقاعدة، الأخوة كارامازوف، موعد مع النصر، أوبريت أنا انكويت، نهوند، مات 3 مرات، لحاتم علي (1996)، شو هالحكي من إعداد وإخراج كل من سيف الدين السبيعي ونضال سيجري وجلال شموط عن نص لزكريا تامر (2001).
- بدأ العمل في الإذاعة السورية عام 1954 وتم اعتماده مخرجاً في الإذاعة عام 1960 بعد أن أنهى دورة مخرج إذاعي في معهد التدريب الإذاعي في القاهرة، ودورة ثانية في معهد التدريب الإذاعي في دمشق وأخرج العديد من البرامج والمسلسلات والتمثيليات الإذاعية، وكان أول من قدّم في الإذاعة كتاب «حوادث دمشق اليومية» للبديري الحلاق والذي يتطرق في كتابه لأواخر الفترة العثمانية مما عاد بالفائدة على العديد من المؤلفين من خلال مسلسلات البيئة الشامية التي قدموها في السنوات الأخيرة.
- تابع دوره في التقديم الإذاعي، وأطل على مستمعيه عبر إذاعة دمشق لمدة 12 سنة في برنامجه الأسبوعي الفني “حكواتي الفن” والذي هو من إعداده وإخراجه أيضاً، حيث كانت كل حلقة تتحدث عن مطرب عربي من نجوم طرب الزمن الجميل، هدف من خلاله إطلاع الجيل الجديد على منجزات وإبداعات نجوم الغناء من سوريا والبلاد العربية تلك الفترة بالإضافة لجوانب كثيرة من حياتهم الشخصية.
- له 10 أعمال في المونولوج على الأقل ومن أعماله: «يا ولد لفلك شال» «تمام تمام هدا الكلام» «شروال أبو صياح» «لا تدور ع المال» «حبوباتي التلموذات» «شيش بيش» «قعود تحبك» «الحب تلت لوان» «الخنافس» «غوول غوول».
- في مجال الغناء أدى خلال مسيرته أغنياتٍ أُعدت خصيصاً لأفلام السينما كـ «زحليقة وتلج»، «ليش هيك صار معنا»، و«الاوتو ستوب»، كما كتب أغنية “ابن العم” التي غنتها المغنية شريفة فاضل.
- كما قدم أغنية في حب الرسول “محمد” باسم «لو عرفوه ح يحبوه» إثر أزمة الرسوم الكرتونية المسيئة للرسول الكريم، وفي منتصف سنة 2016 أطلق أغنية جديدة بعنوان “لا تزعلي يا شام” من كلمات وألحان سهيل عرفة.
- في السينما لديه ما يقارب من «55» فيلم بين الكوميدي والجاد منها: عملية الساعة السادسة (1966)، سفر برلك، مع الرحابنة والسيدة فيروز (1966)، غرام في إسطنبول (1967)، لقاء الغرباء (1968)، عنتر يغزو الصحراء (1969)، الليل، من إخراج محمد ملص (1992)، صندوق الدنيا (2002)، عشاق (2009)، الليل الطويل، إخراج حاتم علي (2009)، سوريّون.. أهل الشمس، إخراج باسل الخطيب (2016).
- في الدراما له العشرات من الأعمال والتي تنوعت بين الكوميديا والبيئة الشامية والأعمال الاجتماعية منها: رقصة الحبارى (2001)، الطير (1998)، حمام الهنا (1968)، مقالب غوار (1967)، أيام شامية (1992)، مبروك، زوج الست، أهل الراية (2008)، ليالي الصالحية (2004)
الشخصية الأشهر في تاريخه (أبو صياح)
بدأت قصة رفيق السبيعي مع «أبو صيّاح» كما يروي في إحدى مقابلاته: «أوّل مرّة قدمتها عن طريق المصادفة، حين أراد الفنّان أنور المرابط أن يتغيبّ عن أداء فصل كوميدي يلعب فيه دور العتّال في إحدى مسرحيات الراحل عبد اللطيف فتحي وكنت أعمل وقتها ملقماً في مسرحه، لم أنم ليلتها من الفرحة، واعتبرت هذا الدور نوعاً من الامتحان يمهد لي الطريق كممثل، استعرت الشروال وباقي الإكسسوار، ففوجئ بي فتحي عندما رآني على المسرح، وجسّدت الشخصية على طبيعتها كما تبدو في الحياة، وقتها شاهد أدائي المرحوم حكمت محسن، وتنبأ لي بالنجومية منذ ذلك الحين».
كان ذلك أواخر خمسينيات القرن الماضي، في عمل مسرحي مقتبس عن مسرحية مصرية للكاتب أبو السعود الإبياري نقلها عبد اللطيف فتحي إلى الشاميّة، قدمت على أحد مسارح دمشق، وحضرها وقتها صباح قبّاني أول مدير للتلفزيون السوري، وبقيت في باله، وعندما تأسس التلفزيون عرفّه إلى الراحل نهاد قلعي، والفنّان دريد لحّام، وبدأت مسيرة «أبو صيّاح» التلفزيونية مع «غوار الطوشة» و«حسني البورظان».
الأوسمة والتكريمات التي حصل عليها رفيق السبيعي
مُنح رفيق السبيعي العديد من الأوسمة وشهادات التقدير منها:
• أول وسام ناله في حياته «نوط الفداء» الذي منحته إياه منظمة التحرير الفلسطينية في عام تأسيسها 1964.
• تم منحه في عام 2008، وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة.
• منحه الحزب السوري القومي الاجتماعي وسام الصداقة في شهر أيلول من عام 2014 سلمه إياه علي قانصوه رئيس المكتب السياسي المركزي في الحزب نيابة عن رئيس الحزب أسعد حردان.
الانتماء القومي والسياسي لرفيق السبيعي
قدم رفيق السبيعي طلباً للانتماء إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي وقبل كعضو بشكل استثنائي من خلال حفل تكريمي ضخم أقيم له في بيروت.
وفاة رفيق السبيعي
توفي رفيق السبيعي في منزله الكائن في دمشق يوم 5 يناير 2017 عن عمر ناهز 86 عاماً، بعد مسيرة فنيّة طويلة كان خلالها أحد أعمدة الدراما السورية، في المسرح والتلفزيون والإذاعة والسينما وقد دفن في مقبرة باب الصغير بعد تشييعه في جنازة شعبية حاشدة في دمشق حضرها وفد من قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي ووزير الإعلام وقتها محمد رامز ترجمان وشخصيات رسمية وإعلامية وفنية.