فلتان أمني وفوضى إدارية ومجالس محلية لا تمثل جميع المكونات.. هل نجح الأكراد في تجربة الإدارة الذاتية؟
تمكن الأكراد من السيطرة على مناطق شرق الفرات بمساعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وفرضت نموذجها في الإدارة الذاتية، في محاولة منها لتقديم نموذج “ديمقراطي” جديد للإدارة في سوريا يضم كافة مكونات المنطقة.
وبعد ثلاث سنوات من إقامة الإدارة الذاتية، لا يزال السكان يعانون من ضعف الخدمات، وفوضى المجالس المحلية، وهو ما أعاد الشارع السوري لتقييم تجربة الأكراد في إدارة المنطقة.
هل نجح الأكراد بتجربة الإدارة الذاتية؟
رغم إعلان الأكراد أو مجلس سوريا الديمقراطي “مسد” أكثر من مرة أنها قادرة على حكم المنطقة، إلا أن الأوضاع المعيشية للمواطنين وزيادة نسبة البطالة، بالإضافة إلى الركود الاقتصادي الذي تشهده الأسواق المحلية؛ دفع العديد للتساؤل حول قدرة الأكراد فعليًا على إدارة المنطقة، وتقديم نموذج جديد مغاير للواقع الذي أوجده نظام الأسد منذ عدة عقود.
“قسد” تضع يدها على المجالس المحلية
تسيطر “مسد” على المجالس المحلية عبر تعيينها أعضاء المجالس، والذي يغلب فيهم الأكراد، واستلامهم للمناصب الإدارية العليا دون أن يكون لديهم أي كفاءة لشغل تلك المناصب، مما أدى إلى التراجع في تنمية قطاعات الصحة والتعليم إلى أدنى مستوياتها.
وتظاهر سكان المناطق لأكثر من مرة ضد هذه السياسات، ورغم الوعود التي أطلقتها الإدارة الذاتية، إلا أنه لم يطرأ تغيير على تمثيل المكونات في المجالس المحلية، أو تعيين الكفاءات الحقيقية في المناصب الإدارية بهدف تحسين الواقع الخدمي والمعيشي شرق الفرات.
معاناة النازحين في مخيم الهول
يضم مخيم الهول حوالي 70 ألف نازح جلهم من النساء والأطفال، وأطلق عليه ناشطون مخيم الموت، حيث يعاني سكان المخيم من أوضاع إنسانية ومعيشية صعبة، لسوء إدارة المخيم الذي تتولى “مسد” تعيين موظفيها الإداريين الذين هم من الأكراد.
ويعاني المخيم من نقص في مياه الشرب وكذلك سوء خدمة التصريف الصحي مما أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة داخل المخيم رافقها وفاة ما لا يقل عن 400 طفل، بحسب تقرير نشرته الأمم المتحدة
نقص الرعاية الصحية كانت حاضرة في المخيم حيث لا توفر الإدارة الذاتية رعاية صحية للنازحين وتمنع المرضى من ذوي الحالات الصعبة من التداوي خارج المخيم مما زاد في عدد الوفيات بين النازحين.
بينما تحدثت تقارير للأمم المتحدة عن انتشار الأمراض الجلدية الناجمة عن تراكم النفايات، وكذلك سوء التغذية الذي يعاني منه الأطفال وأمراض الإسهال والتهابات الأمعاء.
واتهمت الأمم المتحدة الإدارة الذاتية بسوء إدارة المخيم وعدم تعيين موظفين مسؤولين أو مهتمين بحياة الأطفال والنساء في المخيم.
فشل على المستوى العسكري
الإدارة الذاتية فشلت في المحافظة على نصرها ضد تنظيم داعش، فعلى الرغم من إعلان واشنطن عن قضائها على التنظيم المتشدد، إلا أن خلاياه تنشط في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث ازدادت عمليات استهداف قوات قسد بشكل كبير عن طريق عبوات ناسفة أو سيارات مفخخة وكذلك الهجمات الانتحارية التي شنها التنظيم على مواقع تمركز قوات “قسد”.
ولا يقتصر تواجد التنظيم على الناحية العسكرية فحسب، بل أعلن التنظيم فرض الزكاة على المواطنين في عدة مدن وبلدات حيث يقوم عناصر التنظيم بإبلاغ المواطنين بضرورة دفع الزكاة أو أنهم سوف يتعرضون للقتل.
إشعال نار الحرب العشائرية
لا يقتصر الفلتان الأمني على تواجد تنظيم داعش فحسب، حيث كثرت عمليات الاغتيال والقتل تحت مسمى “الثأر” في المناطق العشائرية، والتي أدت إلى الآن لمقتل العشرات من أبناء المنطقة.
ولعل آخر تلك الحوادث هي المجزرة التي وقعت في قرية “ماشخ” في ناحية “البصيرة”، حيث أقدم عدد من شبان إحدى العشائر على إعدام 7 شبان من عشيرة أخرى ردًا على ماقامت به الأخيرة من قتل أحد أبنائها، وذلك في ظل امتناع الإدارة الذاتية أو المجالس المحلية عن التحرك، وأخذ دور المتفرج.